بنات ستار
أهلا وسهلا بكم في منتدى بنات ستار
نسعد بإنضمامكم معنا
ونرجو أن تقضو أوقات ممتعة
بنات ستار
أهلا وسهلا بكم في منتدى بنات ستار
نسعد بإنضمامكم معنا
ونرجو أن تقضو أوقات ممتعة
بنات ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بنات ستار



 
دخولالرئيسيةأحدث الصورالتسجيل

 

 قصص خيالية وجميلة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ريووووومة
مشرفة
مشرفة
ريووووومة


انثى
عدد مشاركاتي : 187
العمر : 29
العمل/الترفيه : طالبة في الثانوية
المزاج : رايقة
بلدك : قصص خيالية وجميلة Female62
الهواية : قصص خيالية وجميلة Swimmi10
تاريخ التسجيل : 08/01/2011

قصص خيالية وجميلة Empty
مُساهمةموضوع: قصص خيالية وجميلة   قصص خيالية وجميلة Icon_minitimeالثلاثاء يناير 18, 2011 7:31 am





ميلاد لولو

بقلم الكاتب: يحيى الصوفي

في يوم من أيام الربيع الجميلة

تجمعت الملائكة في الحقول بألبستها الزاهية المشكلة من ألوان قوس قزح. ...وقد تعممت هالاتها المليئة بالنور... وحملت كل منهن بين جناحيها حصتها من البذور المليئة بالحياة... لتنثرها في أعالي الجبال... والبراري والوديان ... وفي البحار والسواقي والأنهار... وفي الغابات وبين الأعشاب وعلى أغصان الأشجار. وقليل منها في البيوت المتراشقة في الأمصار.

وبينما كانت كل واحدة منهن منهمكة بواجباتها في إرشاد البذور الصغيرة إلى أبويها صاحت الملاك أنس:

-يا الهي لقد فقدت الأخيرة من بذوري الآدمية ... لا أعرف إلى أين توجهت

وأبويها ينتظران... وأمها قد عاودها المخاض وحان ميعاد ميلادها ؟؟؟ ...

وهي تبحث عنها بقلق رددت:

-يا ألهي أين ذهبت؟.

في هذه الأثناء كانت البذرة الصغيرة تتعثر بين الأعشاب، لتجد نفسها أمام نملة مسرعة تجمع قوتها فصاحت بها:

-ماما

نظرت النملة إليها باستغراب وقالت:

-ولكن أنا لست بأمك

وأنت لست من فصيلتنا ... ثم حركت قرنيها الرفيعين ورددت:

-لابد وأنك ابنة تلك الفراشة ... تعالي لكي أوصلك إليها...

صاحت البذرة الصغيرة بالفراشة وقالت:

-ماما

نظرت الفراشة إليها وهي تحرك جناحيها الملونين بغرور وقالت:

-أنا لست بأمك وأنت لست من فصيلتنا لابد أن تكوني ابنة تلك السلحفاة ... تعالي لكي آخذك إليها

صاحت البذرة الصغيرة في وجه السلحفاة:

-ماما

نظرت إليها السلحفاة وهي تغمض وتفتح عينيها بذهول وقالت:

-أنا لست بأمك... وأنت لست من فصيلتنا ... لابد أن تكوني ابنة لتلك الضفدعة الخضراء ... تعالي لآخذك إليها ...

صاحت البذرة الصغيرة على الضفدعة وقالت:

-ماما

نظرت الضفدعة إليها وهي تفرغ صدغيها من الهواء وقالت:

-أنا لست بأمك وأنت لست من فصيلتنا ... لابد أن

تكوني ابنة تلك السمكة الحمراء تلك تعالي لكي أحملك أليها.

صاحت البذرة الصغيرة وقد بدا عليها التعب:

-ماما

تفاجأت السمكة الحمراء منها وقالت وهي تحرك زعانفها وتضرب بها الماء:

-أنا لست بأمك وأنت لست من فصيلتنا... لابد أن تكوني ابنة تلك

وقبل أن تنهي السمكة الحمراء كلماتها ... كانت نسمة عابرة بقربها قد حملتها بعيداً... لتحط بها على غصن شجرة بلوط ضخمة ... وما إن استفاقت من هول تلك المفاجأة القصيرة حتى وجدت نفسها في عش غراب أسود يطعم صغاره.

فرحت لولو وقد أحست بالجوع وصاحت:

-ماما

نظرت أنثى الغراب إليها وقالت:

-أنا لست بأمك وأنت لست من فصيلتنا... لابد أن تكوني ابنة ذاك الغزال ... تعالي لكي آخذك إليه.

وما أن حطت أمامه قالت وقد تهدج صوتها:

-ماما

فتحت أنثى الغزال عينيها الكبيرتين متفاجئة بها وقالت:

-أنا لست بأمك وأنت لست من فصيلتنا ...لابد أن تكوني من فصيلة الزهور تلك، تعالي لكي أدلك عليها.

وما أن وصلت زهرة القرنفل البيضاء حاولت الصراخ بها ولم تستطع، فقد أعياها التعب، فقالت بصوت خافت يشبه الهمس:

-ماما

ضحكت القرنفلة البيضاء وقد أخذت بها بين بتلاتها العطرة وهي تهدأ من روعها:

-لقد وصلت أخيراً أين كنت كل هذه المدة؟...

فرحت البذرة الصغيرة وقد بدا على وجهها علامات الرضا والسعادة وقالت:

-أنا كنت هنا بقربك ولم تشاهدينني؟...

ابتسمت القرنفلة البيضاء ثانية وهي تقول:

-أنا لست بأمك

وأنت لست من فصيلتنا ولكن لا تخافي فأنت من هنا... ابنة

لواحدة من نبتات الملفوف في الحقل المجاور... أذهبي واسألي عنها.

قفزت البذرة الصغيرة فرحة لتحط على إحدى نبتات الملفوف الأخضر وقد شعرت بعروقها الغضة المبللة بالندى وكأنها عروق تلف ذراع مارد ضخم... مما جعلها تصاب بالذهول وبعض من الفخر والكبرياء فصاحت بأعلى صوتها:

-ماما

فتحت نبتة الملفوف إحدى أوراقها وهي فرحة وقالت:

-ها أنت أخيراً كنت بانتظارك

لم تنتظر البذرة الصغيرة نهاية كلامها وبادرتها معاتبة:

-أنا هنا منذ الصباح... ثم أردفت بخجل:

-ها أنا هنا أمامك ماما...

قهقهت نبتة الملفوف وقالت:

-ولكن أنا لست أمك ! ولكن كل البذور الآدمية تبدأ حياتها من هنا... ثم أضافت بشيء من الغرور... هكذا يقولون... يعثرون عليكم في بطون الملفوف... ولكن لا تجزعي فالملاك أنس تنتظرك هنا... وهي تبحث عنك... هاهي وصلت...

فرحت الملاك أنس بوجودها وقالت:

-أين كنت يا ألهي

لقد بحثت عنك في كل مكان... هيا فوالديك بانتظارك وأمك على وشك أن تضع مولودها وأنت سر الخلق، وسر الحياة، وسر الوجود، لاشيء يحصل بدونك هيا... هيا...

وقبل أن تنتقل برفقتها إلى المكان الموعود، التفت الملاك انس إليها وتابعت:

-ولكن وقبل ذلك عليك أن تتذكري الوعد الذي قطعته لي... الوعد بأن تكوني مثال الخلق الكريم... صادقة وأمينة ومحبة للخير... وذلك طوال حياتك... اتفقنا؟.

أجابتها البذرة الصغيرة وهي تومئ برأسها بالإيجاب:

-أعدك

تأبطت البذرة الصغيرة جناح ملاكها الحارس، لتهبط برفقتها في حضن والدتها الدافئ وقد أخذتها بين ذراعيها بحنان... من ثم بدأت تشعر بالهواء البارد يدخل -على غير عادته- رئتيها آخذة بذلك أول نفس من أنفاس الحياة، وبدأت تصرخ صرخة الفرح الآدمية... وواع... ووواااع... ووواااع....

ثم غفت بعد أن ملأت معدتها الفارغة بأول وجبة دافئة من الحليب ؟؟؟...

-هكذا مثلك تماما يا لولو، هكذا كنت، وهكذا ولدت... وهكذا عثرنا عليك؟ !.

ردد والد لولو عليها وهو يغلق القصة المصورة القصيرة التي أعتاد أن يقرأها لها في كل مساء...

في حين استولى على لولو النعاس، وقد أطبقت جفنيها وهي تمتم:

-همهم هكذا إذاً...هكذا إذاً...

مع تحيات يحيى الصوفي جنيف في 25/10/2003

أضيفت في04/02/2006/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







لا تبردي يا قطتي

بقلم الكاتبة: لينا كيلاني



(سمر) بنت صغيرة... حلوة ومؤدبة... أمها تحبها كثيراً... وأبوها يدللها... وأخوها (سامي) لا يزعجها أبداً. (سمر) لم تذهب إلى المدرسة بعد... بل إلى حديقة الأطفال القريبة من عمارتهم... توصلها أمها أوأبوها وأحياناً بواب العمارة.

وفي يوم عثرت هي والبواب على قطيطات صغيرات مع أمهن خلف دكان البقال. أسرعت نحوها... وحاولت أن تمسك بالقطيطة البيضاء... لكن القطة الأم نفخت في وجهها، وأخرجت أظافرها لتخمشها.

قال العم البواب:

- هل أحببت هذه القطيطة يا سمر؟

قالت سمر:

-جداً.... جداً.... ليتني آخذها إلى البيت.

قال العم البواب:

- حسناً.... سآتي لك بها بعد أيام عندما تكون أمها قد فطمتها. وتكونين أنت قد طلبت الإذن من أمك برعاية هذه القطيطة الجميلة. ولكن اسمعي ما سأقوله لك يا سمر.

واستمعت (سمر) بكل انتباه إلى العم البواب وهو يقول:

- فالقطيطة يجب أن تتناول أولاً اللبن لأنها صغيرة.... وبعد ذلك تطعمينها ما تشائين. ويجب أن تنام في مكان آمن ودافئ. وأهم من كل ذلك ألا يؤذيها أحد.

قالت (سمر):

-سأفعل كل ذلك ياعم... سأفعل.

وبعد أيام ومن وجود القطيطة التي أسمتها (ماسة)، أصبحت (سمر) لا تفارقها.... تحملها... وتطعمها... وتضعها مساءً في سلة من القش مفروشة بالقطن.

وفي ليلة... وقد نسيت (سمر) قطتها المحبوسة في غرفتها دون أن تقدم لها طعاماً، أخذت (ماسة) تموء وتموء، ولم يسمعها أحد. وما إن فتحت (سمر) باب غرفتها حتى هربت (ماسة) بسرعة كبيرة إلى المطبخ.. ووثبت فوق الطاولة الصغيرة بحثاً عن الطعام فأوقعت الصحون فحطمتها.

أسرعت الأم إلى المطبخ لتعرف ما الخبر... فقالت (سمر):

- ماسة هي التي أوقعت الصحون... ولست أنا.



غضبت الأم وقالت:

- يجب أن نعاقب (ماسة) فلا تنام في سلتها في غرفتك بل في الخارج.

أطرقت (سمر) حزينة.... ولم تعارض أمها التي أخرجت (ماسة) إلى الحديقة، وأغلقت الباب.

ولما كان الفصل شتاء.. وهطلت الأمطار... لم تستطع (سمر) النوم.. وأخذت تبكي لأنها هي السبب فيما جرى مع (ماسة) وهي لم تخبر أمها بالحقيقة.

تسللت (سمر) من فراشها بهدوء وخرجت إلى الحديقة، والتقطت (ماسة) التي كانت ترتجف برداً أمام الباب، وقالت لها:

- لاتبردي يا قطتي... سامحيني أنا السبب.. أنا السبب، فقد نسيتك في الغرفة وما قصدت حبسك.

وكانت أم (سمر) قد سمعت ضجة وحركة، ورأت ابنتها وهي تحتضن القطة وتعتذر منها، فابتسمت... واعترفت لها (سمر) بكل شيء.

قالت الأم:

- عودي إلى فراشك يا سمر.. الطقس بارد.

قالت سمر:

- وهل تعود (ماسة) أيضاً إلى فراشها؟

قالت الأم:

- طبعاً كي لا تبرد هي أيضاً... هيا يا قطتي أسرعي كي لا تبردي.

أضيفت في04/02/2006/ * خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







ألحان النسمة الصغيرة الباردة !!

بقلم الكاتب: جبير المليحان

في الحارات الصغيرة ، تمتد الشوارع الكثيرة مسافة ، ثم تنتهي .

الهواء الذي يملأ تلك الشوارع القصيرة..

يحرك الهواء الغبار و بقايا الأوراق .. و الروائح الطائرة من الأكوام المتروكة ..

هذا الهواء يخرج من شارع صغير ، إلى شارع ، إلى شارع ..

يدور في الشارع ، ماشيا على مهل ، ملتفا ، و ملتويا .. حتى يصرفه جدار ما ، فيتكوم قليلا .. و تسقط الأوراق منه ، و تتكوم مخشخة ..

كانت النسمة الصغيرة الباردة من ضمن الحزم الطائرة مع هذا الهواء .

دارت النسمة الصغيرة الباردة معه .. حملت أوراقا .. مبتعدة عن الروائح ..

أسرعت .. الروائح تلحقها ..

و عندما تكوم الهواء وسط الحارة مرة أخرى ، أمام جدار ، تحت تلك الشجرة ..

لم تستطع النسمة الصغيرة الباردة أن تستقر .. دارت و دارت ، ثم طارت بسرعة ، و هي تقول :

- لأخرج من هذا الجو الخانق !!

فرت ، لكن الجدار الكبير الواقف صدمها ، تلوت متألمة ، وانحدرت حتى استقرت في الظل ..

كانت أوراق الشجرة الكبيرة تحدق بها و هي واقفة منتظرة ..

هبت النسمة الصغيرة الباردة إلى الأغصان ، و هفهفت بين ثنايا الأوراق الخضراء فرحة ..

فرحت الأوراق و تحركت بطرب ، و أصدرت ألحانا صغيرة و جميلة كالغناء ..

توافدت العصافير : من الجدران القصيرة ، من الشقوق ، من فوق سعف النخيل اليابسة ، من السطوح حيث تخبئ أعشاشها ، من كل مكان ..

جاءت العصافير ، و حطت على الأغصان ..

توقف رجل محني الظهر ، و رفع عينيه الصغيرتين إلى أوراق الشجرة التي تعزف ألحانها .. شاهد العصافير الفرحة

و من نافذة قريبة أطلت فتاة صغيرة بضفيرتين طويلتين ، و عينين ذكيتين ، كانت تبتسم ، و هي تشرع النافذة للهواء ..

نور الشمس الناعم أخذ يتماوج من بين الأغصان مطاردا قطع الظل المرحة ..

ازداد فرح النسمة الصغيرة الباردة ، و تمدد جسمها و اتسع ..

تراقصت الأشجار الأخرى القريبة و اهتزت ..

طربت النسمة ، و لوحت بمناديلها البراقة ، و انطلقت من فوق الجدران ..

ماجت في الشوارع ..

و انطلقت إلى الحقول ..

كانت أسراب العصافير تتبع النسمة الباردة و هي تكسو الأشياء ..

و هاهم الأطفال اللاعبون يجرون خلفها ..

و أوراق الأشجار تلتفت ..

حتى المياه .. مياه البرك النائمة اختضت و تماوجت فرحة ..

الرجل العجوز يهمس باسما : يا لهذه النسمة الصغيرة الباردة !!

البحرين 23/6/2001

أضيفت في04/02/2006/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







غضب الطبيعة

بقلم الكاتبة: سمر المزغن



ارسل البحر اذاه المجرجرة الذي يصل الى الاذان كأنه الزئير المنبعث من حلوق الوحوش الضارية ، والعالي كأنه الجبال الشاهقة ، معلنا عن قدومه لحضور اجتماع هام ، تقدم البحر تصحبه امواجه الصاخبة ، مزمجرا غاضبا ثم صرخ – دون القاء السلام - بصوة قوي غريب ، لو سمعته الهضاب لارتجت من مكانها فزعة : " انا مغتاض جدا ، ولا يمكنني ان اتحمل اكثر ضرر الانسان ، لوثني بنفطه الذي قتل اسماكي ، لم يترك لي حتى بعض الاصداف تزينني وتلون شاطئي ، ذالك الشاطىء الذي غدا سلة مهملات كبيرة يلقي فيها فضلاته واوساخه … لقد طفح الكيل والانسان يحرمني من التسلي مع اصدقائي الاسماك … الم ادعه يسبح في هناء ونعيم في مياهي الباردة خلال فصل الصيف ؟ ألم استقبل الشمس وادعوها لالقاء أشعتها الدافئة وهو يلهو ويمرح ؟ ألم أسخر له شاطئي ليلعب برماله ويرتاده متى شاء مع اصدقائه ؟ ألم اتركه يصنع من الرمل قصورا يزينها بأصداف متناثرة ؟ لما كل هذا الجشع والطمع الذي يحركه حتى أنه لم يترك لي أصدافي تمسح لي دمعي حين ابكي ، وتلعب معي أوقات فراغي ؟ ألم أمسك نفسي عن البكاء وأنا أسمح له مضطرا باصطياد أسماكي وهي تنظر لي معاتبة ، لائمة ؟ ثم بعد ذلك اراها تشوى أمامي لتصبح سوداء فاحمة ، وصوتها يرن في أذني يلومني على عدم عدالتي وانصافي ، يحرص ان يصطاد أكبر قدر من أسماكي ، وأشباحها الحمراء المتشحة بالسواد تحاصرني في منامي ويقظتي ، مناظرها مخيفة وهي الملطخة بالدم والسواد ، تعكر صحوتي ومنامي ، وأمام ذلك ألست مذنبا وأنا أسمح له بكل ذلك السلب والنهب ، ساكتا ، صامتا ، صابرا ، ومتحملا أذى وخطر أفعاله ؟ " .



طأطأ البحر رأسه وأسنده على أمواجه المتأثرة بكلامه الى حد البكاء . خفت صوته شيئا فشيئا وأخذ يصدر زفرات طويلة بين الفينة والفينة ، لما رفع رأسه انحدرت من عينه دمعة حارة كبيرة لتسقط على الموج المرتطم بالصخور وتختلط بالزبد. كان منظره محزنا للغاية، وغادر المكان قبل أن تضعف ارادته تماما فيختنق بالعبرات … جاء البحر غاضبا قويا ، لو اعترضه الانسان لأغرقه بموجه ثم انصرف ذليلا حزينا منكسر الخاطر لو شاهده الانسان على حالته تلك لسخر منه واستهزأ به .



نفخ الريح بقوة وقال : " كلام البحر صحيح ، الانسان يضر نفسه ويضرنا بافعاله ، انا أيضا لوثني بدخان سياراته السريعة، في حين ان دراجاته أقل سرعة ولا تؤذيه ولا تؤذيني ، طائراته وصواريخه وبواخره وقطاراته مصادر لراحته ومصدر لايذائي … التبغ الكريه الذي يستهلكه في البيت وفي الحي والمقهى ، ألم يعرف لحد الان انه يلوثني ويسبب له افات مميتة، ويشكل اذى لمن حوله ويسبب لهم الامراض … ثم أيضا تلك المصانع التي تدمرني وتجعل مني سوادا في سواد ، ثم … "



قاطعه الحيوان مزمجرا : " على مهلك أيها الهواء ، لست اكثر مني هما ولا أظن أن صدرك يسع غمي ، الانسان جعل مني عبدا ذليلا ، أكل بيضي والتهم لحمي وشرب لبني ، لم يكفه أنه ركبنا وحملنا ما لا طاقة لنا به حتى في الصحراء الجافة ، لم يكفه أنه حثنا على السير بعصاه الغليظة الخشنة، حتى زج بنا في السجون يزين بها بيوته وحدائقه ، ليتمتع بمشاهدتنا في حين لا نطلب سوى الحرية … يعيش صغارنا محرومين من الحرية ويموتون حزينين لأنهم لم يذوقوا طعم الحرية ولم ينعموا بالغابات الخضراء والجبال العالية … نحرس بيته ليلا نهارا لينام هادئا ونبقى نحن سهارى ، يقظين لحمايته ، وجزائنا في الاخير عظام بليت ولحوم فسدت وضربات توجعنا ، ثم نصاحبه في كل مكان ليتفاخر أمام أصدقائه بالسلسلة الحديدية التي تشد عنقنا كأنها تنوي خنقنا …"



صرخ صرخة مدوية ثم نظر شزرا والشرر يتطاير من عينيه وكشر عن أنيابه متهيئا للهجوم ، لكنه رجع الى الوراء كأن مسا من الجنون أصابه، وانزوى يهذي في ركن بعيد .



تدخلت الشجرة وقالت : " يقطع الانسان خشبي ليصنع منه مهودا لصغاره ، يرتاحون في مهودهم ونبكي بكاء متواصلا، صنع منا قواربا، سفنا ، مراكبا ، وبيوتا تحميه من قر الصيف وبرد الشتاء . وهبته كل شيء حتى الهواء أنقيه له ولكنه ظالم ، فلما نكران الجميل . اكل الانسان ثماري اليانعة ، اقتلع اخوتي ليصنع منهم كراسي يستلقي عليها وطاولات لأكله … رفس جيراني النبتات الصغيرة بأحذيته الضخمة ". سكتت الشجرة برهة ثم أضافت : " اني أدعو الجميع لمحاسبة الانسان " وبقيت في مكانها صامدة مظهرة شجاعة وصبرا … كل من تكلم قبلها أبدى هيجانا وحزنا ، ولكنها الوحيدة التي تمالكت نفسها ومكثت في مكانها تنتظر رأي الجميع.

سألت الأرض الشمس : " وانت أيتها الشمس ما رأيك "

- أنتظر رأي القمر .

همس القمر : " رأيي معاكس للجميع ، الانسان يحبني في الليالي التي أنيرها ، وعلى كل أنا متأكد أن الانسان لم يقصد ايذاء البحر وتلويث الهواء وتخريب الطبيعة وقتل الحيوان ، الانسان صنع محميات حتى لا تنقرض الانواع النادرة الفريدة من الحيوانات ، الشجرة رفيقة الانسان ولا حياة لها بدونه ، أنا أدعو لمسامحته وسأتولى بنفسي تنبيهه لهفواته ، سأطلب منه حماية الطبيعة لأنه لا حياة له من غيرنا ولا حياة لنا من غيره ، سأبعث للبحر لأحدثه وأرضيه وأهدئه .



انفض المجلس وأسارير الحاضرين مختلفة : بعض الملامح تدل على اليأس ، منها ما تدل على الغيض والندم في نفس الوقت ، منها ما تدل على الشك ، ومنها ما تدل على الامل .

نوفمبر 1999





بين الحيوانين





أسرعت للغداء ، كان طعامي المفضل كسكس باللحم وحساء بالسمك ، لما كنا نلعق شفاهنا قبل الاكل سمعت ضوضاء بعيدة، اقترب كلبي ريكس وقطة اخي ايزبلا من المائدة ، كل منهما اخذ يتوسل ، ذاك يتمنى شريحة لحم وتلك تحب سمكة صغيرة : لم يكن اخي الصغير يعرف الامر لذلك اعطى كلبي " سمكة " وقطته " لحما " ، وعندها نشبت المعركة … كانت ساحة الوغى هي المطبخ والجيشان هما القطة والكلب ، غرست القطة اظافرها في لحم العدو فنبح نباحا عاليا وعض ذيل خصمه ، حينها اصدرت القطة مواء عاليا وقفزت فوق كلبي ، لكن هذا الاخير تفاداها وسقطت فوق صحن ابي لتهشمه، غضب ابي غضبا شديدا ، عندئذ حاولنا ان ننهي المعركة ولكن ذهبت محاولاتنا ادراج الرياح ، فالعراك على اشده والويل كل الويل لمن يقترب … كانت امي قد افطرت ولبست ثوبها الحريري الناعم لزيارة صديقتها ، ولكن حين دخلت نظرت القطة للثوب وظنته سمكة مشوية اذ كان اسود اللون وعلى شكل سمكة ، انقضت القطة على الثوب تنهشه ، ففزعت امي وهرولت خارجة ، لكنها تعثرت بثوبها الذي غدا خرقا بالية ، فسقطت على القمامة وانفجرت غيضا واتجهت الى الحمام … المعركة لم تنته بعد ، لقد كان كلبي ناعم الشعر ، اما الان فقد اصبح شعره أشعث كمسلات القنفذ او الاشواك ، كانت القطة ناعمة الملمس لكن نصف شعرها قد اختفى ، تناثر في ارجاء المطبخ الذي انقلب راسا على عقب … و ها انت ترى القطة مسرورة في عيد الفطر والكلب سعيدا في عيد الاضحى لكن امي ما زالت في العيدين ناقمة عليهما .







حلم في حديقة الحيوانات





مفيدة ، فتاة طيبة القلب وفية ، جميلة وذكية ، جميع الناس يحبونها لانها تساعد الكل قدر استطاعتها ... غدا اول ايام العطلة الصيفية ، ارادت مفيدة ان يكون اول يوم عطلة لها في حديقة الحيوانات ، طلبت من امها اسية اصطحابها الى الحديقة فوافقت .

من الغد ، ارتدت بطلتنا اجمل ثيابها وحلت شعرها بضفيرة طويلة متناسقة ، ثم تعطرت وخرجت تصحبها امها ، لم تنس طبعا احضار بعض الطعام لها ولوالدتها .



فتشت عن قطع الخبز القديمة التي لم تعد صالحة للاكل لتقديمها للحيوانات ، كانت مفيدة تقف عند كل قفص لتتفرج على ما بداخله ولتقرأ ما هو مكتوب من معلومات عن كل حيوان اسير القفص ، في الغد روت لنا مفيدة تفاصيل زيارتها للحديقة قائلة : اعترضتنا القرود المرحة وقد كانت تمتع الناظرين بحركاتها البهلوانية وهي على عجلة من امرها كانها تقدم عرضا تدربت عليه في السيرك ، دون ان تهمل التقاط ما يرمي به الزائرون في مهارة وسرعة وفي لمح البصر ، كانت تقلدنا في كل ما نفعله ونحن نضحك ، لم اتمالك نفسي امام حركاتها المضحكة فانفجرت ضحكا ، انتقلنا الى قفص الدب فارعبني صوته وكدت اهرب مستغيثة لكن امي اخبرتني انه لا يستطيع تكسير القفص ، اخذت اصيح قائلة : " لا اريد البقاء في هذا المكان فالننتقل الى قفص اخر " ... مررنا على الزرافة ادهشني طولها الخارق ، ومررنا بقفص النمر الذي اعجبت بفروه الرائع وفرو أخيه الفهد ، لكن في نفس الوقت افزعتني انيابهما ومخالبهما .

لن انس طبعا انني مررت حذو الفيل الرمادي مع امي ، لكن ما اذهلني هو دهاء وذكاء ابن اوى و الذئب وصديقه الثعلب الماكر .

من المواقف الطريفة : اني مررت على النعامة فوجدتها مدخلة رأسها في باطن الارض كعادتها ، انها كالطامع "اشعب" لا ينفك عن التطفل على الموائد .



حيرني ظهر الجمل والناقة فاجابتني ماما اسية بقولها : " ان ظهره هكذا يا حبيبتي ليمكن الجلوس عليه بسهولة وهو يدعى "سفينة الصحراء" كما انه اكثر الحيوانات صبرا على الماء ، وعلى ذكر الماء فقد زرت فرس النهر الكبير والضخم الجثة ، واستغربت من ضخامة جثته الأعظم من جثة الثور وزوجته البقرة وصديقتها وجارتها الجاموسة اللاتي يبعدن عنها ببضع امتار … لن انس طبعا زيارة الفقمة صديقة الدلفين وكذلك القرش المخيف الذي يذكرني " بدراكولا " وقصته الخرافية المخيفة حتى ان اعوان الحديقة تركوه منعزلا لخطورته ، كما لن انس اني شاهدت عدة حيوانات مائية اخرى ، كالسمك والحوت الكبير ، وهلما جرا …

بعد هذا التجوال قررت الاستراحة انا وامي ، جلسنا على مقعد امام المراجيح وشرعنا في اكل بعض الطعام الذي احضرناه ، وكنت استعجل الاكل حتى اكملت لمجتي وانطلقت جريا نحو الارجوحة ، اما امي فقد نصحتني بعدم الركض ، والتحول لمشاهدة الخراف والماعز والفئران والقنافد … واذكر ان علاقة صداقة متينة توثقت بيني وبين بطة فقد كنت اطعمها وصديقاتها البطات وجاراتها الوزات والبجعات ينظرن اليها في حسد شزرا ، فانقذتها من غيرتهن وسلمتهن بعض الطعام ، لذلك نظرت إلي بامتنان وشكر .

عند المرور على مأوى الخنازير فضلت الجري والابتعاد عن المكان مع حرصي على سد انفي لاشمئزازي من الروائح الكريهة … عند زيارة الكنغر ظننت انه يلبس سروالا به جيوب لحماية ابنه ، لكن عندما قرات المعلومات عنه فهمت كل شيء .

اطربتني زقزقة العصافير وهديل الحمام وقد سافرت في بحر الموسيقى عند الاستماع لتغريد البلابل ، وتمنيت ان اكون مثل تلك الفراشات ذات الالوان المبهجة الزاهية ، وقد ازدادت ضحكاتي حتى انقلبت على ظهري عند سماع الببغاء وهو يردد اقوالي مباهيا بالوانه الزاهية كمباهاة الطاووس الموجود قربه بريشه الملون .



بقينا وقتا نتـامل الخيول وهي تملأ المكان بصهيلها وكذلك الحمير بنهيقها ، وقد الححت على امي ان تشتري لي دجاجة ، فرخا ، كلبا او ارنبا لكنها اخبرتني ان الحيوانات الموجودة في حديقة الحيوانات ليست للبيع ووعدتني بان تشتري لي حيوانا لطيفا من السوق عند العودة.

كنت طوال الطريق التهم قطع شوكولاطة لذيذة واتسلى ببالونة وقناع مضحك وبعض اللعب اشترتها لي امي من الحديقة ، وكنا نستغرق في الضحك طوال الوقت عندما المح احد الحيوانات واشبهها بشيء مضحك ، دون ان انسى اننا استمتعنا بمنظر نافورة رقراقة جارية .

قبل ان ننتقل الى قفص الاسد وعائلته ذهبنا الى قفص الثعابين وقمنا بلعبة : من يخرج لسانه اكثر ويحدث فحيحا قويا لكن ماما غلبتني في اللعبة …. راجعت كراسي وكل ما كتبته من معلومات على الحيوانات كما اضفت نكتة على التيس ولحيته الطويلة .



حذو قفص الاسد انتابني بعض الخوف وشعرت بانه سيحصل شيء ما ، واذ بالاسد ينفجر غيضا ويحمر وجهه غضبا ويزأر زئيرا عاليا عندما شاهد ضفيرتي بالذات ولا أدري لماذا ... هرب الجميع عند تحطيم الاسد للقفص ، لم اعرف كيف تسمرت في مكاني من الدهشة ... بغتة نما للاسد جناحان ابيضان طارا بهما وحلق بواسطتهما عاليا ماسكا بي من ثيابي تارة ومن ضفيرتي طورا . نظرت تحتي فاخذت ارتجف كالقصبة في مهب الريح واحسست باعضاء جسمي ترتجف وباسناني تصطك ، دارت الدنيا بي وكاد قلبي يخرج من صدري ، جف ريقي ، لكنني بالكاد تمالكت نفسي ، وتمنيت الا اسقط ، وبالطبع لم اصرخ رغم مسكه القوي لشعري حتى لا يفزع الاسد العجيب ويسقطني ، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، فقد قادت الاقدار حمامة ازعجت الاسد الطائر ، وعندما اراد الفتك بها سقطت من مخالبه من ارتفاع عال، حمدت الله وشكرته لانني سقطت على كومة قش فوق جبل كبير ، ولم اصب الا بخدوش بسيطة لم تألمني كثيرا ، احسست ان احدا يدفعني الى الامام ، وعلى حين غرة وفي غفلة مني سقطت من قمة الجبل ، عند الوصول اصطدم رأسي بصخرة كبيرة فانفلقت جمجمتي وصرخت صرخة مدوية ، كرر الصدى ندائي كانه يسخر مني ، واذ بي انهض فاجد نفسي في غرفتي مرتمية على الارض واقعة من السرير وقد اصطدم راسي بالمنبه فاخذ يرن رنينا عاليا متواصلا حتى ايقظ جميع افراد العائلة ، صببت عليه جام غضبي وقمت بتانيبه تأنيبا شديدا ، عند ذلك سمعت وقع اقدام ثابتة فارتميت فوق فراشي مخفية المنبه بين طيات ملابسي متظاهرة بالنوم متجنبة وخائفة من غيض امي .

اكتوبر 1998

أضيفت في04/02/2006/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







حارس البسـتان

بقلم الكاتب: محمود البدوى



كان نعمان حارسا لبستان الشيخ سليمان ، وهو بستان كبير غنى بالثمر ومن أشهر البساتين فى الصعيد ، ومنذ ثلاثين سنة ونعمان يحرس هذا البستان .. ولم تحدث فى خلال هذه السنين الطوال حادثة سرقة واحدة ..

كانت المنطقة كلها تعيش آمنة .. كان مرهوبا قوى البطش .. وكان الفلاحون ينسجون حول بندقيته المقصوصة الأساطير .. يقولون أنها تفرش .. وتغرد .. وتنطلق منها النيران فى كل اتجاه .. مع أنه لم تطلق من هذه البندقية رصاصة واحدة ..

وكان الغلامان سعيد وعمار يصطادان البط فى البركة القريبة من البستان عندما انطلقت خرطوشة طائشة من بندقية سعيد فأصابت عمار فسقط والدم ينـزف منه ..

وأصاب الذعر سعيدا فجرى إلى نعمان خفير البستان وقص عليه ما حدث وهو يبكى ويرتعش ..

فهدأ نعمان من روعه وذهب معه إلى المصاب فحمله إلى داخل العريشة .. وأسعفه وربط الجرح وتركه هو وسعيد لزوجته لتعنى بالجريح ولا تدع سعيدا يخرج من البستان حتى لايتعرض لأى سوء ..

وكانت فلاحة قد بصرت بالمصاب وهو ملقى بجوار البـركة وسعيد يجرى مذعورا .. فطارت إلى أهله وأخبرتهم أن سعيدا قتل عمارا ..

وانتشر الخبر فى القرية بسرعة النار فى الهشيم .. وخرجت عائلة عمار وهى مسلحة بالبنادق ، والشوم ، والهراوات .. لتضرب أى إنسان تجده من عائلة سعيد ..

وكانت عائلة سعيد قليلة العدد وضعيفة بالنسبة لعائلة عمار .. فخشيت أن تفنى جميعا .. وهرب أفرادها فى المزارع ..



وأخذ رجال عمار يزحفون إلى مكان الحادث وفى عيونهم الشر والغضب والجهالة .. ورآهم نعمان خفير البستان وهم يتقدمون .. وأدرك أنهم يريدون قتل الغلام المسكين فتناول بندقيته وتحرك من مكانه حتى أصبح قريبا من الطريق الذى يأتى منه الرجال ..

وجلس هادئا وبندقيته ملقاة بجانبه وكانوا يتقدمون فى سواد يسد عين الشمس ، وعجب للجهالة وللغضب الذى يقلب الإنسان إلى شيطان مجنون .. وتساءل هل جاء كل هؤلاء ليقتلوا غلاما مسكينا لاعصبية له فى القرية ولا عائلة قوية تحميه

ظل يراقبهم وهم مهرولون ويلوحون بالنبابيت .. ومنهم من كان يجرى فى قلب المزارع ويدوس على بساط البرسيم ..

وعندما لمحوه وهو جالس على رأس الطريق حبسوا من خطوهم إذ ندر أن يترك نعمان البستان فى ليل أو نهار ..

وكانوا كلما اقتربوا منه تمهلوا فى سيرهم حتى سمعوه يقول بصوت خافت وهو ينقر الأرض بعصا صغيرة من البوص ..

ـ لا أحد منكم يعبر الطريق ..



فتوقف الرجال واضطربوا ..

ـ إننا بعيدون عن البستان ونبحث عن سعيد .. لقد قتل عمار ..

ـ أعرف هذا .. ولا أحد منكم يتقدم خطوة ..

فسمر الرجال فى أماكنهم كأنما غشيتهم غاشية .. وقال أحدهم ليخفف من حدة الموقف ..

ـ إننا لانريد به شرا .. وسنسلمه للمركز ..

ـ ليضربه العساكر .. وليصنعوا منه مجرما فى يوم وليلة .. لا ..

ـ ولكنه قاتل ..

ـ انه لم يقتل .. والخرطوشة طائشة .. وهذا يحدث لكل إنسان ..

ـ وأين عمار ؟ .. نريد جثته ..

ـ سأحملها إليكم فى المساء .. والآن اذهبوا .. ومن بقى منكم بعد أن أعد العشرة فسأصرعه ..



وعجب الرجال لتخاذلهم وللضعف الذى طرأ عليهم فجأة وقد كانوا أشد ما يكونون حماسة للانتقام .. ماذا جرى لهم أيخذلهم رجل واحد .. ومنهم من هو أشد بطشا منه وقوة .. وسلاحهم أشد فتكا من سلاحه .. وليس معه سوى بندقية عتيقة مقصوصة .. ربطها بالسلك والدوبارة .. فما سر قوته وجبروته طوال هذه السنين ؟..



وقبل أن تغرب الشمس بصر الفلاحون بنعمان قادما على الجسر وهو يمشى ثابت الخطى بجوار حماره .. وقد وضع على كتفه بندقيته العتيقة .. وكان يركب على الحمار سعيد وعمار وكانا مازالا صديقين متحابين .. وقد احتضن سعيد عمارا ليمنعه من السقوط .. إذ كان الأخير بادى الاعياء ..



وقال أحد الفلاحين .. بعد أن مر عليهم نعمان :

" أرأيت أننا كنا معتدين وحمقى ؟ ‍‍‍‍‍‍‍.. ولقد انتصر علينا هذا الرجل وحده .. لأنه كان مؤمنا .. يدافع عن غلام مسكين وقد ظل طول حياته .. يحمى الضعفاء .. ويسحق الشر .. أينما كان فأعطاه الله هذه القوة الرهيبة "

أضيفت في04/02/2006/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)





مغامرات تالة

بقلم الكاتبة: ماجدولين الرفاعي



تالة وانتظار العيد



عادت تالة من الروضة فرحة جدا تقفزهنا وهناك

ومن فورها قالت لماما

-ماما احقا غدا سياتي العيد؟؟

سالتها ماما ومن اخبرك ؟

اجابت تالة:

-اخبرتنا المعلمة وعلمتنااغنية عنه اسمعيها وبدات تالة تغني:

جاء العيد ودق الباب

افتحولوا ياااولاد

ضحكت ماما كثيرا وقالت نعم ياتالة غدا سياتي العيد

في صباح العيد استيقظت تالة مسرورة

لبست ملابسهاالجميلة ولبست حذاء جديد بلون برتقالي

حملت بيدها حقيبة من نفس اللون ثم بدات تتجول بين الشرفة والصالة

صرخت ماما.....

تالة ماذا تفعلي؟

اجابت تالة:

- انتظر العيد متى ياتي لافتح له الباب ؟؟

-هاهو العيد؟

-اين لااراه ولم اسمع اي طرق على الباب

-تالة هاهو العيد ياحبيبتي ومن سيطرق الباب ؟

-قالت تالة:المعلمة اخبرتنا ان العيد سياتي ويدق الباب

-ضحكت ماما كثيرا وشرحت لتالة ان العيد هو يوم كباقي ايام الاسبوع

لكنه مخصص للاحتفال

ثم قبلت تالة قائلة لها

كل عام وانت بخير حبيبتي هيا لنفرح بالعيد



تالة والعاب الكومبيوتر



تنظر تالة كل يوم الى جهاز الكومبيوتر اثناء عمل والدها عليه وتفكر متى تتعلم الجلوس هي ايضا والعمل ببرامجه

وتتعجب لما لايشتري لها بابا كمبيوتر خاص بها!!!

ولماذا يصر على وضع البرامج التي تستخدمها هي بنفسه؟

ولماذا لايضع لها سوى برامج التلوين والاغاني والاحرف؟

وتردد في سرها بابا يختار مايريد

و قررت اخيرا التعلم بنفسها

ولن تنتظر ان يعلمها احد

انتظرت حتى خرج والدها من الغرفة وركضت باتجاه جهاز الكومبيوتر الذي تركه بابا في وضع امن

حركت الفارة ثم صرخت بصوت عال مما جعل امها تاتي مسرعة من المطبخ

فقد شغلت تالة احد الالعاب المخيفة ذات الاصوات المرتفعة والصور المتوحشة مماجعل تالة تبكي وتصرخ

ضحكت الام كثيرا وهدات من روعها ونبهتها الى عدم الاقتراب من اشياء لاتخصها

وان عليها الالتزام بالبرامج التي يختارها لها والدها

اعتذرت تالة بخجل ووعدت بعد تكرار التجربة



تالة في المطبخ



تالة طفلة لم تتجاوز الخمس سنوات من عمرها جميلة ورقيقة لكنها شقية جدا

وتقوم بأعمال شغب مختلفة

هي لاتعلم بأنها مشاغبة وتظن إنها تقدم المساعدة لامها

دخلت تالة المطبخ أمس بينما والدتها تجلس مع جارتهم في غرفة الضيوف

نظرت حولها وقالت :

أصبحت كبيرة وعلي مساعدة ماما في أعمال البيت

حسنا سأجلي لها الصحون

لم يكن في المطبخ صحون متسخة

ماذا تفعل إذا؟؟

قالت في نفسها

سأغسل علبة سائل الجلي لتصبح نظيفة

سكبت كل محتوياتها في حوض الجلي وغلسته جيدا بالماء

وعادت لتجلس فخورة بإنجازاتها



تالة فنانة ماهرة



اليوم تالة تشعر بالملل فهي وحدها واخوتها في الخارج قررت أن ترسم

فهي تحب الرسم كثيرا

أحضرت علبة الألوان وبحثت عن ورقة بيضاء كبيرة لكنها لم تجد

لابد أن ترسم فكرت كثيرا ماذا تفعل

آه

وفجأة صرخت وجدتها سأرسم على الجدار ليصبح كسور الحديقة

كادت والدتها تبكي حين رأت الرسومات تغطي كل جدران الغرفة

لكن والدتها هذه المرة لم تسامحها

أعطتها اسفنجة مليئة بالصابون وتركتها تنظف كل الألوان على الجدار

ساصبح خياطة في المستقبل

شاهدت تالة ووالدتها وهي تخيط ثوبا وجلست تراقبها

وتتأمل المقص وهو في يد أمها

جميلة حركاته وسهلة جدا

ستصبح خياطة ماهرة عندما تكبر لأنها ستتعلم الخياطة في وقت مبكر

صرخت

ماما اعطني المقص أريد أن أتعلم الخياطة

لا ياصغيرتي المقص خطر على فتاة صغيرة مثلك

أف ماما ودعيني أتعلم

لم تجب والدتها وضعت المقص مكانه ونادت على تالة لكي تساعدها في تحضير العشاء

اقتربت تالة من الدرج الذي خبئت به أمها علبة الخياطة وأخرجت المقص

لكنها ماذا تخيط؟

لا يوجد قماش

نظرت حولها

الستائر مناسبة جدا لتعلم الخياطة

كانت العقوبة شديدة

أضيفت في04/02/2006/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







كعكات جدّتي

بقلم: الكاتب: نزار نجار

العيدُ يدقّ الأبوابَ، ويهمس:

- هيّا، ياأطفال، أنا قادم، يومان فقط، وأحلّ ضيفاً عليكم..

نتهيّأ لقدومه، تتهيأ جدّتي أم الطّاهر، يتهّيأ جيراننا، تتهيّأ حارتنا لاستقباله كما يليق الاستقبال..

البيوت في الحارة، كلّ البيوت تستيقظ باكراً، والأطفال ينهضون مع خيوط الفجر الأولى، وأهل الحارة يهرعون إلى فرن النحّاسين، يصلّون الفجر في جامع الأشقر، ثم يقصدون الفرن، يأخذون دوراً عند" أبي صبحي".. والرجل يبلّ قلم ( الكوبيا ) بريقه ، ويسجل الأسماء بخطٍّ مرتعش وحروف متشابكة ؛ لايفكُّ ارتباطها ولايعرف تناثر نقاطها غيرُ أبي صبحي نفسه..

ورقة مدعوكة، مقطوعة من دفتر مدرسيّ مسطّر لكنّها- بالنسبة إلينا- ليست ورقة عادية، فهي مطرّزةٌ بالألقاب والأسماء والتوصيات:

- ابو أحمد.. فطائر بالجوز

أم عادل: هريسة بالفستق الحلبي..

أبو علي كرشة .. أقراص مرشوشة بالسمسم أم محمود الطبلة.. صينية صغيرة واحدة..

سعيد الفهمان.. صينية كبيرة..

زنّوبة...

أمّا جدّتي أم الطّاهر فاسمها لابدّ أن يكون في رأس الورقة!.

قبقابي يوقظُ النائمين في الحارة، أقفز من الدار إلى الفرن، أقطع الدرجات الحجرية، أجتاز البوابة المعتمة، والزّقاق الصّغير، تتفرّق القطط، تركض بعيدة وقد أزعجها قرع القبقاب، أصير أمام الفرن ، رائحة الخبز الأسمر الطّازج تستقبلني، أرغفةٌ منفوخة كالأقمار المعلّقة على السطوح ، تذوب في الأفواه كما تذوب" غزّولة البنات"..

صوان نحاسية ذات أطرافٍ مدروزة تدخل الفرن أو تخرج منه، وأمام الباب، هناك، يزدحم رجال بحطّاتٍ وقنابيز يحجزون دوراً، نساء قادمات من أطراف الحارة، يجئن مبكّراتٍ ، على رؤوسهنّ أطباق القش الملوّنة، وقد عقدْن المناديل المزركشة وفي عيونهنّ الواسعة لهفة وانتظار.. ترى هل يسبْقن غيرهنّ، ويأخذْنَ أقراص العيد قُبَيل أذان الظّهر

جدّتي تمسح رأسي بكفّها الحانية، وتهمس لي:

- لايُفرحُ قلبي غيرك.. هيّا.. قمْ.. وخذْ دَوْراً عند أبي صبحي.. كعك العيد- في الصّواني- جاهز..

هذا أنا، أوّل من وصل..

ماأسعدني.. سبقت أولاد الحارة كلّهم، اسم جدّتي أم الطاهر في رأس الصفحة، وكعك جدّتي بحبّة البركة واليانسون يدخل الفرن،...

يتقاطر الأولاد ورائي، حسن وسالم وفادي وعبّودة، ومحمد وأيمن وبشير.. تتألّق عيونهم النّاعسة أمام نور الفرن، يتحلّب ريقهم وهم يَرَوْن الفطائر والهريسة الغارقة في السمن البلدي، والكعك المسمسم، والأقراص المنقوشة..

سهرت جدّتي الليل بطوله مع أمّي وعمّتي من أجل كعك العيد، وجدّي لايحبّ إلاّ كعكات جدّتي.

لايأكل حلوى إلا من صُنْع يديها.. وأبي كذلك، وأمي وعمّتي وأنا وإخوتي.. والأقارب، والجيران وأهل الحارة..

ما إن يقترب العيد حتى نتحلّق حول الجدّة ما أجمل السهر والسّمر والحكايات التي نسمعها..

ونمدّ أكفّاً صغيرةً منمنمة.. ولا ندري كيف تُرْبَطُ- بعدئذ- في أكياس قماشية، تشدّ جدّتي

وتقول:

- ضمّوا أصابعكم هكذا..

وتحذّر أمّي:

- ارفعوا أيديكم، بعيداً عن الأغطية والملاءات البيض!..

أرفع صوتي محتّجاً:

- ولكنْ.. أكبر كعكة من نصيبي!

تبتسم جدّتي وتهمس في أذني:

- أكبر كعكة يتقاسمها الجميع.. أنت ولد عاقل!

أهزّ رأسي مقتنعاً:

- نعم .. ياجدّتي.. الكعكة الكبيرة لي ولأخوتي..

حكايات جدّتي تحملنا إلى عالم مسحور.. نسافر إلى بلاد مجهولة، نقطع غابة، نتسلّق جبلاً، نعبر نهراً أو بحراً، أو نهبط وادياً أو منحدراً..

الصّواني صارت جاهزة، والكعك الطّازج يخرج من الفرن،جدّتي تفرك كفّيها بلهفة:

- أنت.. منْ يفرحُ قلبي.. كم أحبّك!..

أقفز أمامها..

- أكبر كعكة من نصيبي!

تمسك جدّتي بكفيّ وتقول:

- انتظر.. ليس قبلَ أنْ..

وتساعدها أمي:

- هاتوا أكّفكم ياأولاد!..

وننام تلك الليلة، أكفَّنا مضمومةٌ، وأصابعُنا مأسورة في أكياس جدّتي القماشية، ننام بهدوء بعد أن يئسنا من إظهار مهاراتنا فوق الوسائد والمساند، لاقفز ولا شقلبةَ ولا دحرجة..

وفي الصباح، صباح العيد، نفتح أعيننا مبكّرين، وتحلّ جدّتي عقدة الأكياس، تحرّرُ أصابعنا، فإذا أكفّنا مخضّبةٌ بالحنّاء، تلك نقوش جدّتي النّاعمة السّحرية!..

نفرد أصابعنا أمام وجوهنا، تضيء شموس، وتركضُ نجوم، لقد تلطّخت راحاتنا الوردية برسوم مدهشة، وها نحن نتذوّق مع جدّتي كعكها الّلذيذ.. وأكبر كعكة نتقاسمها جميعاً..

تلك دارنا، فإذا اجتزتم الدرجاتِ الحجرية في أول حارة النحّاسين، وعبرتم البوابة_ هناك ذات القوس القديم، ستجدونني أمام الباب الخشبي، كفّاي ملطّختان بحنّاء جدّتي، وأنا أنتظركم، لتذوقوا كعك الجدّة، ولن تنسوا طعمه أبدأً..

* القبقاب: حذاء عال من الخشب له سير جلدي.

أضيفت في04/02/2006/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







حكمـــة الهـدهـد



بقلم الكاتبة: حنان درويش



دعا الهدهد طيور الغابة منذ الصباح الباكر إلى اجتماع طارئ، وبدا وكأنّ أمراً خطيراً قد وقع، أو هو على وشك الوقوع... فمثل هذه الدعوات لا تحدث إلاّ في حالات نادره.‏

سارعت الطيور تمسح عن عيونها آثار النوم، ومضت في طريقها نحو الساحة الكبيرة، محاولة أن تخمّن سبب هذه الدعوة المفاجئة، وعندما اكتمل الحضور، انبرى الهدهد يتكلّم:‏

- أنتم تعلمون أيّها الأعزّاء أنّ هذه الغابة هي موطننا وموطن آبائنا وأجدادنا، وستكون لأولادنا وأحفادنا من بعدنا.. لكنّ الأمور بدأت تسوء منذ أن استطاعت بندقيّة الصياد الوصول إلى هنا، فأصبحت تشكّل خطراً على وجودنا.‏

- كيف؟.. قل لنا..‏

تساءل العصفور الصغير.‏

- في كلّ يوم يتجوّل الصيادون في الغابة متربصين، ولعلّكم لا حظتم مثلي كيف أخذ عددنا يتناقص، خصوصاً تلك الأنواع الهامّة لهم.‏

مثل ماذا؟‏

تساءل الببغاء‏

- مثل الكنار والهزار والكروان ذات الأصوات الرائعة..‏

ومثل الحمام والدجاج والبط والإوز والشحرور والسمّان ذات اللحم المفيد، والبيض المغذي، ومثلك أيّها الببغاء... فأنت أفضل تسلية لهم في البيوت، نظراً لحركاتك الجميلة وتقليدك لأصواتهم.‏

وقف الطاووس مختالاً، فارداً ريشه الملوّن.. الأحمر، والأصفر، والأخضر، والأسود..‏



قال:‏



- لابد وأنّك نسيتني أيّها الهدهد، فلم يَردْ اسمي على لسانك، مع أنني أجمل الطيور التي يحبّ الإنسان الحصول عليها، ليزيّن بها حدائقه.‏

- لا لم أنسك، وكنتُ على وشك أن أذكرك... فشكلك من أجمل الأشكال.. ولكنْ حذار من الغرور.‏

قال الحجل بدهاء:‏

- معك حق فيما قلته أيّها الهدهد.. حذار من الغرور. نظر الطاووس نحو الحجل بغضب شديد، اتجّه إليه وهو يؤنّبه:‏

- إنّك لا تقلّ خبثاً عن الثعلب الماكر، ولذا لن أعيرك أيّ اهتمام.‏

حاول الحجل أنْ يردَّ له الإهانة، لكنّ الهدهد هدّأ من حاله قائلاً له:‏

- دعونا الآن من خلافاتكم... فأنتم إخوة ويجب أن لا تنشغلوا عن المشكلة الكبيرة التي تواجهنا جميعاً.‏

قال الشحرور:‏

- أيها الصديق معك حق.. لقد لامست كبد الحقيقة.. قل لنا ماذا نفعل؟‏

رفع الهدهد وجهه، فاهتزّت ريشاته المغروسة في رأسه... قال:‏

- لقد دعوتكم لنتبادل الرأي في هذا الموضوع.. فليذهب كلّ منكم إلى عشّه الآن، ويأتني غداً في مثل هذا الوقت بالتحديد، وقد حمل إليّ حلاً نستطيع به حماية أنفسنا من بنادق الصيادين.‏

أضيفت في10/03/2006/ خاص القصة السورية/ عن مجموعتها حكمة الهدهد الصادر عن اتحاد الكتاب العرب (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







مملكة الكراسي الخشبيّة



بقلم الكاتب: محيي الدين مينو





إلى صديقي عبد اللّطيف الباير:

-"بُصرى مملكتك، ولا أرضى لك أن تكون ملكاً".



يُحكى أن في قديمِ الزمانِ جندياً، غافلَ يوماً الملكَ، وجلسَ على عرشه، وراحَ يصرخُ صراخاً مُدويّاً:

-"أنا الآن ملكُ البلادِ".

تردّدتْ صرختُه في أرجاءِ القصرِ، ووصلتْ أسماعَ الملكِ وحاشيتِه الّذين فاجؤوا الجنديَّ، وهو مازالَ جالساً على العرشِ، يرتجفُ من هَوْلِ المفاجأةِ، والجنودُ يُشهرون سيوفَهم الّلامعةَ في وجهِه، ولكنّ الملكَ أمرهم أن ينصرفوا عنه، ويتركوه وهذا الجنديَّ.

نهضَ عندئذٍ الجنديُّ من مكانِه، فأشار إليه الملكُ أن يجلسَ، فجلس، والسّيافُ يتراءى أمام عينيه المذعورتين شاهراً سيفه، يهُمّ بضربِ عُنقِه، فيرتعدُ هَلَعاً وخوفاً. حاول الجنديّ أن يفتحَ عينيه، ويرفعَ رأسَه قليلاً، فلم يستطعْ، وحاولَ أن ينهضَ من مكانِه ثانيةً، فلم تحملْه قدماه، والقصرُ يدورُ به، فلا يهدأُ، ولا يستقرُّ.

سأله الملكُ مستغرباً:

-أتظنُّ أنّ هذا الكرسيَّ الخشبيَّ يجعلُكَ ملكاً؟!".

أجابَ الجنديُّ، وهو يتلعثمُ:

-"هو مجرّدُ حُلُمٍ، يا صاحبَ الجلالةِ، ظلَّ يراودني منذ صغري".

ثمُ أردفَ الملكُ ضاحكاً:

-"أنتَ الآن ملكٌ، وأنا أحدُ رعاياكَ. بمَ ستحكمُ عليّ لو انقلبتُ عليكَ".

هبَّ الجنديُّ واقفاً، وقالَ معتذراً:

-"أستغفرُ اللهَ، يا صاحبَ الجلالةِ، ما أنا إلاّ عبدٌ من عبيدِكَ".

قالَ الملكُ:

-"اجلسْ، اجلسْ، أيّها الجنديُّ، وقلْ لي: كيف ستحكمُ بين هؤلاء النّاسِ الذين لا همَّ لهم إلاّ التآمرُ عليّ وعلى مملكتي".

قالَ الجنديُّ، وهو مطرقُ الرّأسِ:

-"إنّهم-يا صاحبَ الجلالةِ- لا يستحقّون إلاّ الموتَ، فلا رأفةَ بهم، ولا عطفَ عليهم".

قالَ الملكُ:

-"لا شكّ في أنّكَ جنديٌّ مخلصٌ لي وللوطنِ. أيّها الجنديُّ، أنتَ منذ اليومِ وليُّ عهدي الأمينُ".

يُحكى بعدئذٍ أنّ وليَّ العهدِ انقلبَ يوماً على الملكِ، وزجّه في السِّجنِ، حتّى ماتَ، وجلسَ على عرشِه منتشياً، لا يفارقُه لحظةً، ولكنّ جنديّاً غافله يوماً، وجلسَ عليه، وهو يقولُ:

-"أنا الآن ملكُ الزّمانِ".

ويحكى أنّ الملكَ تلمّسَ عندئذٍ رأسَه، وهو يرى أحدَ جنودِه يجلسُ مكانَه، وأمرَ من فوره السّيافَ أن يضرِبَ عنقَه، حتّى يكونَ عِبرةً لغيره من الجنودِ الذين لا يروقُ لهم من كراسي القصرِ جميعِها إلاّ كرسيُّ الملكِ.

دبيّ في 10/3/1999

أضيفت في 06/02/2006 / خاص القصة السورية /عن مجموعته مملكة الكراسي الخشبية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







أحلام صبي

بقلم الكاتبة: جمانة طه



أحس فارس بالضجر من القراءة، ومن حلّ المسائل الحسابية.

فتح التلفاز، وراح يشاهد بعض أفلام الكرتون التي أدخلت الدهشة إلى قلبه، والخيال إلى عقله. فاندمج مع بطل الفيلم الذي كان فارساً من فرسان أيام زمان، يرتدي الدرع ويضع الخوذة على رأسه والقناع على وجهه ويحمل بيده سيفاً طويلاً.

تخيل فارس أنه بطل يدافع عن أخوته وأصدقائه في فلسطين المحتلة.

نادى أمه، وقال: أنا فارس من الفرسان، أريد أن أذهب وأنقذ المظلومين.

قالتلـه أمه: لا تزال صغيراً يا فارس، افعل هذا عندما تكبر.

- أنا ضجر جداً وأريد أن أفعل هذا الآن.

ضحكت أمه، وقالت: إنك لست فارساً، بل صبي صغير.

- ولكني ضجر ومتضايق، وسأذهب الآن بعيداً.

مسحت أمه على رأسه بحنان، وقالت: إذا ذهبت يا صغيري، فسألحق بك إلى أي مكان تذهب إليه.

- إذا لحقتِ بي، فسأصبح سمكة في جدول غزير المياه، وأسبح بعيداً.

- إذا أصبحتَ سمكة في جدول عزير المياه، فسأصير صياداً، وأصطادك.

- إذا صرتِ صياد سمك، فسأصبح أنا صخرة على جبل عال، ولن تتمكني من الوصول إلي.

- إذا أصبحتَ صخرة على جبل عالٍ، فسأتعلم كيف أتسلق الجبل، وأتبعك أينما كنت.

- إذا تسلقتِ الجبل، فسأختبئ في حديقة بعيدة عن الأنظار.

- إذا اختبأتَ في حديقة بعيدة عن الأنظار، فسأصبح بستانياً وأجدك.

- لن تستطيعي، لأني سأتحول إلى طائر وأحلق بعيداً في السماء.

- إذا تحولتَ إلى طائر، فسأصبح شجرة تأتي إليها، وترتاح على أغصانها.

- إذا أصبحتِ شجرة، فسأصير قارباً صغيراً وأبحر بعيداً.

- إذا صرتَ قارباً صغيراً، فسأصير ريحاً وأحرك قاربك إلى حيثما أشاء.

- عندها سألتحق بسيرك، ألعب على الأرجوحة وأطير من طرف إلى طرف.

- إذا التحقتَ بسيرك، فسأصير لاعبة سيرك، أمشي في الهواء على حبل مشدود، وأصل إليك.

- إذاً سأصبح أرنباً، وأقفز في الغابة من مكان إلى مكان آخر.

- إذا أصبحتَ أرنباً، فسأصير حقلاً من الجزر لتأكل منه ما تشاء.

سكت الصبي برهة، ثم قال: في هذه الأحوال من الأفضل لي، أن أبقى في البيت كما أنا.

ردت عليه أمه: وستجدني دائماً بقربك يا صغيري، أرعى شؤونك، وأسهر على راحتك، وأبعد عن نفسك الضجر.

قبَّل الصبي أمه، فقبلته وضمته إلى صدرها في عناق حنون.

أضيفت في06/02/2006/ خاص القصة السورية / من مجموعتها مغامرة سمكة الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







الأجمل



بقلم الكاتب: محمد قرانيا



قصص قصير جدا



في الربيعِ، والشمسُ مشرقة

حطّ عصفورٌ دوريٌّ على سور المدرسة

سمعَ المعلمةَ

تسألُ الأطفالَ

عن أجملِ امرأةٍ في الوجودِ

لكنَّ العصفورَ طار.

وتنقَّلَ من مكانٍ لمكان.

يسألُ عن أجملِ امرأة

وحين عادَ

والشمسُ لا تزالُ دافئةً.

حكى للفراخِ الصغارِ.

عمّا رأى في النهار.

قال:

ذهبتُ إلى الرسّام.

قلتُ: يا فنَّانَ اللونِ الأجمل

أريدُ لوحةً

لأجملِ امرأةٍ في الوجود.

قال: اذهبْ إلى البستانيّ

***

قلت: يا فنّانَ الروضِ الأخضرِ.

أريدُ وردةً ناضرةً

لامرأةٍ رائعةٍ

قال: اذهبْ إلى بائعِ الوردِ.

***

يا بائعَ الورد:

أريدُ وردةً صافيةً مثل عينيها

قال: اذهب إلى بائع الزنابقِ.

***

يا بائع الزنبقِ:

هل مَسَحَتْ على رأسِكَ أصابعُ الحنان؟

وهل ربتتْ على كتفك يدٌ حانية؟

أريدُ زنبقاً كأصابعها.

قال: اذهبُ إلى بائع الحرير..

***

يا بائعَ الحريرِ:

هل شاهدَتْ أزهارَ الياسَمين؟

أريدُ ثوباً لأجملِ امرأةٍ.

قال: اذهبْ إلى ذلك البيتِ القريبِ.

***

في البيت القريبِ المجاور.

وجدتُ اللوحةَ الجميلة.

رأيتُ امرأةً تعمل بمهارةِ.

تمسحُ زجاج النافذة.

تسقي أصيصَ الزهرِ.

تقتربُ من طفلٍ صغير.

تُسرّحُ شعرَه.

تعطيه قطعةَ حلوى..

***

الطفلُ الصغيرُ يحملُ حقيبتَهُ المدرسية.

وعلى ثغرهِ ابتسامة

يُقَبّلُ يدَ المرأةِ.

وقبلَ أن ينطلقَ

يقولُ: "شكراً يا ماما"



كأس ماء





غسلتْ ليلى الكأسَ جيَّداً، ثم ملأتْها ماءً، وسارتْ نحو أبيها.

كانَ أبوها يقرأُ الجريدةَ في ظلِّ شُجيرةِ الياسَمين.

عندما صارتْ ليلى قربَ أبيها. طارتْ زهرةُ ياسَمينٍ، وسقطتْ في الكأسِ.

توقَّفتْ ليلى، وفكَّرتْ لحظةً...

سألها أبوها:

ـ مابكِ يا ليلى؟ أعطني الكأسَ.

ابتسمتْ ليلى وهي ترى أوراقَ الياسَمينةِ يُحَرِّكُها الهواءُ، فتصلُ إليها رائحتُها المنعشةُ، وظلَّتْ واقفةً.

أعاد الأبُ سؤالَهُ:

ـ مابكِ يا ليلى؟!

ابتسمتْ ليلى من جديدٍ، وقالتْ:

ـ الياسَمينةُ تشيرُ إليَّ... إنها عطشى!

سقتْ ليلى الياسَمينَة، ثم ملأتِ الكأسَ من جديدٍ، وانحنتْ قليلاً، ثم قالتْ مبتسمةً:

ـ تفضَّلْ يا بابا...



الوردة





شمَّتْ (عبير) الوردةَ الحمراءَ، وقالتْ:

ـ هذه الوردةُ جميلةٌ. سأقدّمها إلى معلَّمتي.

لكنَّ أخاها (خالداً) اعترضَ، وقالَ:

ـ سآخذها ـ أنا ـ وأقدِّمُها إلى معلِّمي.

أمسكتْ (عبير) الوردةَ وأبعدتها.

لكنَّ (خالداً) شدَّها...

فحزنتِ الوردةُ، وتناثرتْ أوراقُها على الأرضِ.



انظروا



راقبوا جيِّداً

صديقيَ الصغيرَ

إنه يأخذُ من أبيهِ قطعةَ النقودِ

ويركضُ مسرعاً إلى الحانوتِ.

انظروا إليه

انظروا جيِّداً

إنه كعادتهِ كلَّ يومٍ

يشتري (بالوناً).

انظروا كيف ينفخ (البالون).

ينفخُ....

والبالونُ يكبرُ.. يكبرُ...

ثم ينفجرُ!!!...



بالون سامر



كنتُ مع أهليّ على ضفِّةِ النهرِ، نتمتَّعُ بالمنظرِ الجميلِ...

قلتُ لأخي سامر:

ـ تعالَ نشاهدِ الصيَّادين.

وقفنا دقائقَ ننظرُ إلى الصيادين، وهم يصطادون السمكَ... تمنَّيتُ لو كان معنا (سنارة) نصطادُ بها، ونجرِّبَ حظَّنا...

قلتُ لسامر:

ـ سأشتري شيئاً أتسلَّى به، من الدكان.

ذهبنا إلى الدكانِ القريبِ. كان يحتوي على كلِّ شيءٍ... اشتريتُ قصَّةً ملوَّنةً، لكنَّ سامراً قرَّرَ شراء (بالون).

سألتهُ:

ـ لماذا اخترتَ (البالون)؟

فأجابَ:

ـ لأنَّه يسلِّيني طوالَ الوقتِ.

ضحكتُ في سرِّي، وجلستُ على مَرجٍ أخضرَ بجانب أُمِّي وأبي، أمامَ النهر، وأخذتُ أقرأُ القصَّة، بينما نفخَ سامرٌ (البالون) فصارَ كبيراً.. كبيراً، حتى ظننتُ أنَّهُ سينفجرُ!...

بدأ سامرُ يلعبُ بالبالون. يضربه بيده، فيعلو قليلاً في الجوِّ، ثم يلحقُ به، والسعادةُ تغمرُ نفسَه. لكنَّه ضربَه ضربةً قويةً بيدهِ، فاندفع (البالونُ) بعيداً...

لاحقناه جميعاً بأنظارنا، حتى رأيناه يحطُّ مثلَ بطَّة فوق الماءِ! ... وذهبَ مع النهرِ... مسكينٌ سامر!!.. ظلَّ ينظرُ إليه حتى غابَ عن الأنظارِ، وقد بدتِ الخيبةُ على وجهه... وحين التفتَ إليَّ حزيناً. شاهدَني أطالعُ قصَّتي الملوَّنةَ، ولكني كنت ـ في الحقيقةِ ـ أضحكُ من أعماقِ قلبي، ضحكةً طويلةً...



سهرة





ذاتَ ليلٍ ربيعيٍّ دافئٍ، أحبَّتْ ليلى السهرَ في ضوءِ القمر، حتى ساعةٍ متأخِّرةٍ.

قالتْ لها أُمُّها:

ـ هيَّا يا ليلى. اذهبي إلى النوم.

قالتْ ليلى:

ـ لكنِّي أحبُّ القمرَ.

ـ القمرُ (سيزعلُ) منكِ. إذا لم تنامي الآنَ.

قالت ليلى للقمرِ:



ـ هل صحيحٌ (ستزعلُ) منِّي لأني أُحبُّ السهرَ معك؟

ابتسمَ القمر، وغمرها بأشعَّتهِ الفضيَّة.

عندَ الصباحِ استيقظْت ليلى متأخَّرةً، ونظرتْ إلى أمّها تعاتُبها:

ـ لماذا لم توقظيني باكراً؟

ردَّتِ الأمُّ:

ـ لأنَّ القمرَ قد (زعلَ) منكِ.

عندئذٍ أدركتْ ليلى خطأها، واعتذرتْ من أُمِّها قائلةً:

ـ لن يزعلَ القمرُ مني بعدَ اليوم، لأني سأنامُ باكراً.

أضيفت في06/02/2006/ خاص القصة السورية / من مجموعته سرب عصافير الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







من اجل قطرة ماء



بقلم الكاتبة: لبنى ياسين



طق... طق... طق ... يكاد رأسه ينفجر وتدوي الضربات فوق دماغه بطريقة مرعبة ... وضع الوسادة فوق رأسه عله يهرب من هذا الصوت المزعج إلا انه لم يفلح ...طق ...طق... طق ... اللعنة على هذا الصنبور, منذ شهور وهو ينقط بالطريقة نفسها إلا أنها المرة الأولى التي يزعجه فيها ذلك فعلا ... ربما كان السبب في ذلك طفلاه اللذان فاجآه وهو يغسل سيارته, فأخذا يرميان في وجهه بحماس وأدب كل ما قالته لجنة ترشيد المياه والتي كانت لحظه العاثر في زيارة للمدرسة في أسبوع التوعية لتعليم الأطفال فوائد الترشيد كي تطلعهم على مضار هدر المياه بطريقة مستهترة, طق... طق ...طق ... يا لهذه القيلولة المزعجة, يكاد رأسه ينفجر والصنبور يرفض أن يغلق فمه مبتلعا صرخة الاستغاثة المشؤومة التي كانت تنطلق من فمه دون استجابة, بينما تتردد الآية الكريمة التي زرعها ابنه في رأسه ناصحاً "إن المبذرين كانوا أخوان الشياطين ", وأخيرا وبعد حرب ضروس بين رأسه وأذنيه وصنبور الماء استكان مستسلما لإغفاءة هو في أمس الحاجة إليها.

الصنبور مرة أخرى وهو ينقط في وعاء كبير هاجمه في الحلم, امتلأ الوعاء حتى بدأ الماء بالسيلان عن حوافه, ثم تضخم و تضخم وعاء الماء حتى وجد نفسه فجأة في لجة أمواج عاتية قزما يحاول النجاة بحياته, لم يستطع أن يقاوم لأمواج التي تتقاذفه يمنة ويسرى وترفعه تارة فوقها ثم ترميه تارة أخرى في عمق جسدها الغاضب وهو عاجز عن فعل أي شئ ... حتى الصراخ, فجأة رمت به موجة ضخمة على الشاطئ الرملي, تلفت حوله فإذا بالرمال تحيط به من كل صوب وقد كشفت الشمس عن نواجذها بينما اختفى الماء تماما كأنه لم يكد يغرق فيه منذ لحظة, بدأ يتصبب عرقا من شدة اللظى القادم من قرص الشمس, تلفت يمنة ويسرى عـله يرى ولو جدول ماء صغيراً إلا أن المكان كان صحراء قاحلة ...على امتداد النظر لم يكن ثمة كائن غيره برفقة الشمس و السماء والرمال المشتعلة بلهيب الشمس... لا شئ مطلقا سواهم.

شد قدميه شداً ليُخرج نفسه من هذا المكان, إلا انه لم يكن هناك أية إشارة لوجود كائن حي واحد ولا حتى شجرة صغيرة يحتمي بها من أشعة الشمس الحارقة, بينما بلغ العطش مبلغه وجف حلقه وتيبست شفتاه, قال في نفسه: قد ادفع نصف عمري الآن من أجل كأس واحد من الماء لكن أحداً لن يرغب بهذا الثمن أو غيره إذ لا أحد مطلقا سواه في هذا المكان .

اشتد عطشه اكثر ... لم يعد يستطيع التنفس ... أحس انه يوشك على الاختناق ودارت في خلده ذكريات كان فيها الماء متوفرا بشكل مريح ... لم يكن يعلم أن الماء ثمين إلى هذا الحد ... تذكر سيارته التي كان يرويها بمئات الليترات من الماء لتبدو لامعة ... لو أن كأسا واحدا من هذه الليترات يأتيه الآن وسيدفع مقابله كل ثروته ... إلا أن شيئا من هذا لم ولن يحصل ...هربت من عينه دمعة رسمت طريقا لها على خده ... فكر في نفسه ملهوفاً إنها قطرة ماء ومد لسانه صوبها في محاولة لاصطيادها علها تخفف من لوعة الكبد لقطرة ماء ... هل كان الماء غاليا حتى هذا الحد ؟؟؟

نزلت من عينه دمعة أخرى كان يحاول اصطيادها عندما رنت الساعة معلنة انتهاء قيلولته, فتح عينيه فإذا هو في المنزل وإذا بالصحراء كابوسا دمرته رنة الساعة, لكن صنبور الماء ما زال ينقط ... طق... طق... طق... ودون أدنى تفكير هرول نحو الهاتف يطلب السمكري ليقوم بإصلاح الصنبور وفحص بقية أنابيب المياه .

أضيفت في06/02/2006/ خاص القصة السورية (للتعليق والمشاركة بالندوة الخاصة حول أدب الطفل)







الثلج الدافئ



بقلم الكاتب: نور الدين الهاشمي



توقف الثلج عن الهطول، لقد خلعت الغيوم أرديتها البيضاء فوق أسطحة المنازل والأشجار والطرقات وظهور السيارات. أسند سحبان رأسه إلى النافذة يرنو بحزن إلى الطبيعة... نعم بحزن فهو لن يستطيع الخروج ومشاركة رفاقه اللعب هذا اليوم الذي انتظره طويلاً، لقد شُفي منذ أيام من مرضه واستعاد عافيته، لكنّ أوامر الطبيب كانت صارمة: (استراحة في البيت مدة أسبوع). سامحك الله أيها الطبيب أهذا وقت استراحة؟! انظر إلى الطبيعة ما أحلاها! كلُّ شيء فيها يدعو للركض والقفز والتراشق بكرات الثلج. لقد رجا والديه أن يأخذاه معهما إلى بيت جده لكنهما رفضا، تخيّل سحبان بيت جده الآن... الثلج يغطي قرميده الأحمر كما يغطي أرض الدار الواسعة ورخام البركة ويكسو شجرة النارنج ثوب عروس ناصع البياض. أما جده فسوف يكون جالساً قرب مدفأة الحطب وقد ارتدى عباءته يشرب الشاي الساخن ويحكي لوالده مغامرته حين فاجأه الذئب في ليلة مثلجة وكيف حطّم رأس الذئب بعصاه، أما القط (نمّور) فهو راقد حتماً بخمول عند قدمي الجد وتمنّى سحبان لو كان هناك لأجبر هذا القط الكسول على الخروج واللعب معه في الباحة البيضاء.



أفاق من حلمه وتراءت لـه من بعيد رؤوس أشجار السرو في الحديقة ترتدي عمائم بيضاء سوف يذهب رفاقه إليها ويطاردون بعضهم بكرات الثلج. ستحمرّ أيديهم ووجوههم ويغمرهم شعور بالفرح والسعادة وبعد أن يتعبوا من الركض والمطاردة سوف يصنعون تمثالاً من الثلج رأسه كالملفوفة وعيناه من أغطية العلب وأنفه جزرة كبيرة وربما ألبسوه معطفاً قديماً ووضعوا على رأسه قبعة صيّاد كما فعلوا في العام الماضي، ولكنْ لا أحد من رفاقه قد تذكّره حتى الآن، لم يتصلْ به أحد أو يطرق الباب... لقد نسوه.. فالجميع قد خرجوا يحتفلون بالثلج، شعر سحبان بالبرودة تنتشر في جسده إنه يرتعش... ترك النافذة وجلس قرب المدفأة.. أشعل التلفاز.. قلّب المحطات... غناء.. صراخ... مطاردات.. حيوانات... شرطة... سيّارات... مخلوقات عجيبة... ولكن لا شيء فيها يشدّه أو يزيل الحزن عنه. أطفأ التلفاز.. ما زال يرتعش، ليس مريضاً إنه واثق من ذلك ولكنّ ماءً بارداً ينسكب فوق قلبه، اتجه إلى مكتبته الصغيرة قلّب الكتب والمجلات باحثاً عن شيء يسليه ولكنه اكتشف أنه قد قرأها جميعاً... ربما كان جائعاً... كلا إنه لا يشعر بميل إلى الطعام، اتجه نحو المسجلة ضغط زرها... أحس بالموسيقا تزيد إحساسه بالبرد أغلقها... بحث في الأشرطة فلم يعثر على شريط واحد يفرحه.

استلقى أخيراً على الديوان أغمض عينيه محاولاً جلب أطياف النوم ازداد شعوره بالصقيع غطى جسده... إنه يرتجف... ما زال مريضاً... كلا.. إنه وحيد... كاد أن يبكي.. فجأة رن جرس الهاتف.. قذف سحبان الغطاء ووثب نحو الهاتف.

-ألو.. ألو.. مَنْ..؟ ارفع صوتك... أرجوك

-أنا مهند

-أهلاً.. أهلاً.. لا.. لا.. لست مريضاً... أنا بخير ولكني لا أستطيع الخروج..

-ستأتي مع الرفاق لزيارتي... أنا بانتظاركم... مع السلامة... مع السلامة.

قبّل سحبان سماعة الهاتف مراراً ثم أعادها وأخذ يقفز ويصرخ فرحاً كمهر نشيط ثم أسرع نحو النافذة يرقب بفارغ الصبر قدوم رفاقه، زال إحساسه بالبرد تماماً، الدفء اللذيذ يغمر روحه وجسده أما الثلج الذي غفا بغطائه الأبيض الناصع فوق كل شيء فقد شعر سحبان بأنه دافئ وحنون.














الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mazika.alamuntada.biz/
ريمي
Admin
Admin
ريمي


انثى
عدد مشاركاتي : 919
العمر : 30
العمل/الترفيه : السباحة وركوب الخيل
المزاج : جيد
بلدك : قصص خيالية وجميلة Female11
الهواية : قصص خيالية وجميلة Sports10
تاريخ التسجيل : 16/08/2008

قصص خيالية وجميلة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص خيالية وجميلة   قصص خيالية وجميلة Icon_minitimeالإثنين يناير 31, 2011 3:56 am

قصص راائعة

قصص خيالية وجميلة 273394
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ريووووومة
مشرفة
مشرفة
ريووووومة


انثى
عدد مشاركاتي : 187
العمر : 29
العمل/الترفيه : طالبة في الثانوية
المزاج : رايقة
بلدك : قصص خيالية وجميلة Female62
الهواية : قصص خيالية وجميلة Swimmi10
تاريخ التسجيل : 08/01/2011

قصص خيالية وجميلة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص خيالية وجميلة   قصص خيالية وجميلة Icon_minitimeالخميس فبراير 03, 2011 9:31 am

قصص خيالية وجميلة 21907 عالرد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mazika.alamuntada.biz/
 
قصص خيالية وجميلة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بنات ستار :: قسم القصص والشعر :: منتدى القصص الرائعة والخيالية-
انتقل الى: